القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: كُردستان عمار الكوفي و «قردستان» سعدي يوسف وميثم الجنابي

 
السبت 06 كانون الأول 2014


 ابراهيم محمود

أن تتحول كُردستان إلى " قردستان "، أن يستحيل الكرد قروداً، في الاعتبار الأخير للثمانيني عمراً الشاعر العراقي والكاتب السياسي والروائي والمترجم سعدي يوسف " تولُّد أبي الخصيب- البصرة 1934 "، الشاعر الشيوعي، كما يظهر حتى اللحظة، كما هو محتوى ديوانه الأخير" الشيوعي الأخير " الداخل إلى الجنة، ومن خلال مقاله: انطباعه الشيوعي " قردستان عيراق  " والمنشور في 18-9/ 2014، ، ومن خلال موقعه الشخصي، ويدخل معه في سباق التتابع الإنشائي غالباً، الكاتب العراقي والباحث في الفلسفة ميثم الجنابي، بقردنة مقاله التقريظي لكتابة نظيره العراقي المتشيعن" نقد القرود وقرود النقد " والمنشور في " الحوار المتمدن، بتاريخ26-11/ 2014 "، وليكون هناك من هلّل للاثنين، ومن تحفَّظ هنا وهناك، وينبري العديد، وربما الكثير من الكرد دفاعاً عن الجاري، وفي ردود أفعال لا تخلو من تشنج إزاء هذا " التقريد " لشخصهم، تعبيراً عن أن الموجَّه تجاوز حتى الخط الأحمر في " الشتم والإهانة "، كما تعلمنا المواقع الالكترونية..الخ، كل ذلك يضعنا في حرمة تاريخ لا حرمة له.


أقول ذلك، لأتقدم بوجهة ثقافية، وليس لأنني كردي له صداقات مع كتاب عرب وأناس عاديين  وغيرهم هنا وهناك، وأكتب باللغة العربية التي يكتبون بها، دون إخفاء شعور تضامني مع حالة القهر التي يعانونها، هم وغيرهم كذلك، وهي تعنينا جميعاً، وإنما لأن ثمة ما يستوجب الكتابة إزاء ما تقدم، وفي عراء الحقيقة الجغرافية والتاريخية، أي حين تحوَّل جغرافيا كاملة، لا يعترَف بها الثاني ومن معه عروبياً وما أكثرهم، في كرديتها، إلى موطن للقرود، كما شاءت رغبة الشيوعي الأخير الذي تأممت له الجنة، كما يبدو، سعدي يوسف، وليس موطن الكرد كما يقول التاريخ المغيَّب من جهة الاثنين.
وأن أقحِم عمار الكوفي، وهو " كوفي Kovî"، في الموضوع، فتأكيد على أن هذا الصوت الشبابي المشارك في " أرب أيدول" في القناة التلفزيونية " MBC1 "، والذي أطرب الملايين من العرب والحضور ضمناً بصوته، وهو من " كردستان العراق " كما يعرَّف به، كان يسترسل ينبوعياً في الغناء المتعدد اللهجات بالعربية، وبالعربية الفصحى حتى الآن أحياناً " علمني حزنك، لنزار قباني، والمغناة من قبل الفنان كاظم الساهر"، مزاوجاً بين العربية والكردية دون أن يخطىء في التهجئة أو يتلبك، خلاف الكثيرين من عرب الاثنين، وأبكى الكثيرين بصوته العراقي والكردستاني العراقي ضمناً، لم يكن يحمل معه " موزاً "، ولا ظهر في هيئة قرد، إنما أفصح بهيئته وصوته الطروب عن أنه من أرض الكرد، أو وطنهم وليس القرود، كما أراد كاتبنا المتعدد المواهب سعدي يوسف، وسخَّن الجنابي وغيره اللعبة، وهما يقردنان شعباً بالكامل.
أعني بذلك، أن حيرة تتملك الاثنين ومن تبعهما ويتبعهما  في الإرث ما قبل الصدامي وما بعده، وقد كُتب الكثير فيسبوكياً، لتلتقي إرادة الشيوعي الأخير الذي ما زلت أتذكره حين التقيته في " دار المدى" في " ركن الدين " وهو يرتدي " المندكور " في أوئل تسعينيات القرن الماضي، سعدي يوسف هذا الذي كان محط اهتمام الكردي قارىء العربية في قراءة شعره وكل كتابة له في مجلة " الحرية " الفلسطينية " وكذلك مجلة " الثقافة الجديدة " الشيوعية العراقية أيضاً، وغيرهما، تعبيراً عن تقدير لروحه الكفاحية والإنسانية حينذاك، وكل شيوعي عراقي ومناضل في وجه النظام الدموي الصدامي، حيرة قائمة من خلال المثال الحي والمتلفز، وربما، لو أنهما حضرا لكانا المبادرين إلى طرده أو الحيلولة دون متابعته، ليستمر تقريدهما  المتصادي" لشعب كامل، وليس لأفراد معينين، أو فرد دون آخر، رغم أن السعي إلى " حيونة " شخص ترجمان مباشر للقائل بالذات. ألم يقل شتراوس ذات يوم ( العنصري هو من يقول العنصرية  ؟ )، ولا أسهل من الرد بالمثل، كما يعلم العارف بالحد الأدنى من العربية من خلال اسم " سعدي "، وكذلك بالنسبة للآخر في نسبته " الجنابي "، وليكون إجراء كل منهما التعبير الأوفى عن هدر القيمة الذاتية. 
سعدي يوسف  الذي صرح ذات يوم ، ومنذ أكثر من أربعة عقود زمنية، أنه كتب أكثر من خمسين قصيدة، في كردستان، حين كانت تحتضنه هو ورفاقه الشيوعيين بجبالها وكهوفها، ومن ذلك ما يقوله:
هل تعلم يا سبط 
بأنا كنا جوعى وعراة حين قُتلنا 
هل تعلم يا سبط 
بأنا حين ظمئنا 
أُوردْنا بنزيناً 
ترمينا برصاص يشعلنا 
شربنا الغازات السامة 
حتى ذابت أعيننا 
كالشحمة في القيظ 
وفي كردستان أكلنا 
لحم الأكراد على السيخ 
إذاً.. 
نحن وحوش الكون 
بقايا اللهب المتدافع 
من جوف التنين 
ضباع الغابات المنسية 
في كتبٍ بائدة
كيف أصبح سعدي يوسف الشيوعي الأول المغاير كلياً في شخص شيوعيه الأخير؟ وكيف أفصح عن ذات تعنيه بالجمع " وحوش الكون " إزاء الكرد، ليكون الكرد قروداً ؟، وأي صلة تربطه بعراقه، وهو يتباهى بأنه بات انكليزياً؟ ويا لعار الإنكليزي حين يقرّدن، من أعطيت هوية من وزنه لسواه، شعباً كاملاً!
إنها سيرورة الشيوعي الأخير، والذي يري ذاته الفعلية، المضادة للامبريالية الأمريكية، وهو سعيد في ظل امبريالية استعمرت عراقه ذات يوم دون أي حرج مما يقول. كما لو أن الكردي ملزم أن يتحرك في ظله أو ظل عراقيه ويقبل بكل ما يخطط ضده، حتى لو بإفنائه طالما أن ذلك يقيه من القردنة، ولا يكون لأمثال الطاغية الصدامي، وأمثاله كثر قبله وبعده من حضور، كما لو أن الكردي البارزاني والطالباني والكوراني...الخ، قد استقدم الأميركي الامبريالي، وكان لا بد أن يكون هدفاً سهلاً للإرهاب الداعشي، حتى بذبحه من الوريد إلى الوريد، لينال محبة العراقي، حتى لو كان داعش يرطن بلغة سعداوي أو عراقية. أما كان أجدى أن يسمي ديوانه " الشيوعي الأخير " بـ" الداعشي الأخير" في المتحوَّل العقائدي لديه بالكامل ؟
وميثم الجنابي المفكر،والمتنعم بالجنسية الأوربية بدوره، صورة طبق الأصل لسعدي عراقيه العتيد، وهو يقردن " كرديه "، لا بل يعمّق مسار التقريد تأكيداً على نحت لغوي، بتصويب قردنة سعدي، وقردنة تصويب من ينقده دون استثناء، إلى درجة الابتذال، ليكون في المحصّلة نظير بوق صدامي أو عروبي، يرتعب لمرأى الكردي وهو يتحرك دون أخذ موافقة من ولي أمره الصدامي أو نظيره راهناً.
لا يعود السؤال: لماذا قال سعدي ما قال في " مقاله ؟ " وسواه قبل الأول ، كما في (هل أربيل قاعدةٌ أميركية إسرائيلية لقتل العرب في العراق وسوريا ؟ 13-9 / 2014 )، ومن العيار الثقيل، كما في قوله (بعد أن صار الجنرال الأميركيّ ، قائداً عامّاً للعرب والأكراد ، وسائر الأمم في الشرق الأوسط السعيد ،
وبعد أن أعلنت الولاياتُ المتحدة أنها اتخذت من أربيل مهبِطاً لطائراتها الحربية ، التي تقتل العرب في العراق
وسوريا ...
أقول: بعد هذا كله يحقّ للملاّ مصطفى البارزاني أن يقهقه في قبره ، سعيداً ، قبل أن ينال جزاءه يوم القيامة، 
في سقَر وبئس المقرّ .
لا أدري كيف خان الإقطاعيّون الأكرادُ شعبهم في العراق ، وأُمّتَهم على امتداد كردستان الحُلم ، إذ وضعوا
أربيل قاعدةً للقاذفات الأميركية وربما الإسرائيلية ،كي تقتل العرب ).
تلك هي المسألة! كل خطأ، أو جرم، أو انزياح عن الصواب، يُسأل الكردي عنه، مذ كان العراق، الكردي المطلوب باسمه حياً أو ميتاً، لأن تاريخ العراق الدامي ومآسيه موجَّه كردياً، بذائقة معرفية خاصة ميثمياً، أو سعداوياً، أو خلافهما، وربما كان الاتهام هذا، رغم عنفه، كافياً للرد والتوضيح السهلين على أن التحكم بمصير العراق وعبر أنظمته، ومنذ أكثر من قرن، من جهة الكرد، على أن الكرد كرد، وأن كردستان لهي كردستان، لأن القرود لا تحيك المؤامرات، إنما تضحِك، وتدير قفاها للناظر إليها، فمن يقردن قفاه هنا إذاً؟
نعم، هكذا يكون الوصي على الكردي نفسه، وفي اتجاه ما دون الواحد، كما أنه يقول: لا بأس أن يفنى شعب بالكامل، ليس شعباً في العرف السعداوي والميثمي، أي الشعب الكردي، ليبقى، أو يستمر شعب آخر كامل الأوصاف" الجزء غير المسمى بلونه للكل المعتبَر باسمه وجغرافيته وسدنة حكمه الفعليين وبالنيابة..الخ، وكأن الكرد وحدهم معنيون بإسرائيل والامبريالية الأميركية، والتشيعات والتدعشيات والعشائريات، والملليات وحرب الكراسي، وكل الامبرياليات في العالم والتحديات التي تتهدد المنطقة، وليس العرب في المجمل، وهم في مجملهم الداخلون في العباءة الإسرائيلية الضيقة جداً، كأن لعنة " التخوين والعمالة" مسجلة على الكرد إلى يوم الدين، ليتم ذبحهم مادياً ومعنوياً.
والجنابي لا يدخر جهداً فيما ذهب إليه قرداوياً، ولا يني يركّز على العراق الثقافي في مجمل كتاباته، كما لو أن تمرير عبارة كهذه، كاف لتهدئة الكردي وغير الكردي، حيث إقليمه المعتد بأمنه واستقراره بأكثر من معنى يستغني عن أي برهان لتبين الفارق بين الذين يقيمون فيه ومن يشدد على خلاف ذلك، وهو ينتمي إلى بيئة اجتماعية، أين منها " العالم الغابي ".
الجنابي لا يكف عن التباهي بمدونات إسلامية رغب أنه يقدمها لقارئه الخاص، وفي تتبعه لثقافة مختزلة على طريقته كما في كتبه :
(العراق ورهان المستقبل، دار المدى، دمشق، ط1، 2006 .)، وهو ينفي أي وجود كردي كجماعة متراصة .." ص21 " .
( العراق حوار البدائل ، حاوره وقدم له : مازن لطيف، مؤسسة مصر مرتضى للكتاب العراقي، بغداد، 2009)، حيث يشير إلى أن الأكراد هم ( معشر وليس قوماً ولا شعباً ولا قومية ولا أمة.. بسبب توزعهم.. ص100 ).
(التوتاليتارية العراقية" تشريح الظاهرة الصدامية"، حوار وتقديم: يوسف محسن،دار ميزوبوتاميا، بغداد، 2010.)، وهو يقزّم الحضور الكردي في التاريخ وفي الجغرافيا بالمقابل.." ص 333 " ....الخ .
نعم، يمضي الشيوعي الأخير إلى الجنة، وهي في اعتبارها المعرَّبة، بينما الكردي فيمضي إلى النقيض في اعتباره الخارج عن التصريف العروبي السعداوي والميثمي، وسخف التصوير إزاء عقيدة الشيوعي التي لا صلة لها بالجنة والمعني بها، ويبقى الساعي إلى المعرفة الفعلية في حيرة من الجاري في أذهان من يصرّون على أن العالم لا يدور إلا بإشارة منهم، وأن الشعوب لا تدخل التاريخ، أو تخرج منه، إلا بنيل موافقتهم، وأن المفهوم الأقلياتي يبقى في عهدة من يعتبره المطلوب ضبطه، وتحت الإقامة الجبرية للتاريخ، وتحت تصرف القوة الغريزية وما دونها لمن يأبى اعتبار الكردي كردياً بجغرافيته وتاريخيته، وإن تعامل معه مدفوعاً بكرم أخلاقي فهو لا يتجاوز سقف " القوة الشهوية" في عرف ميثم ونظيره الشيوعي سعدي، ولكن العالم كما أصر غاليلي لا يدور برغبة بطرياركية انتهت صلاحيتها منذ زمان طويل، بطرياركية قاتلة وعبء على أهلها من نوع صدامي وما بعد صدامي، وربما يبقى صوت عمار الكوفي هو حد من الحدود الفاصلة بين حيوية الكردي الذي يحترم القرد كنوع، ويعرف نفسه في عِداد الآخرين من بشر المعمورة، خلاف كثيرين ممن تختلط عليهم الأمور، وهم يسقِطون ما لديهم وفيهم على الآخرين.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات