قد يكون من المبكر تقييم مجمل الدور الإيراني بالمنطقة بعد حدثين من النوع الاستراتيجي أولهما : " عاصفة الحزم " وماستعقب من نتائج عسكرية وسياسية على النفوذ الإيراني في اليمن والجزيرة العربية وباب المندب ودول الخليج عامة واتفاق الاطار المعلن في لوزان والثمن المطلوب من حكام طهران تقديمه في تلك الصفقة التي سماها الرئيس الأمريكي بالتاريخية والذي سيمس بالدرجة الأولى كل الأطراف وأكثرها الجماعات والمنظمات المسلحة التي ظهرت من خلال – الطفرة التوسعية القومية المذهبية – بالمال والدعم العسكري الإيرانيين في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة ومن الواضح منذ عشية المفاوضات وانتهاء بإعلان الاتفاق جرت مقدمات لاتخطؤها العين لحركة تمهد لاصطفافات جديدة من نوع التحضيرات الاستباقية تمس حلفاء ايران بالدرجة الأساس على الأرض عنوانها الأبرز تراجع المد الإيراني وتقلص أدوار الجماعات الموالية لها وقد يحتاج ذلك الى بعض الوقت .

  كانت النتائج المترتبة في اليمن تراجع الحوثيين وأنصار الرئيس السابق وانضمام القوى القبلية الى جانب التحالف وكذلك معظم الأحزاب والفعاليات والشخصيات من بينها قادة اليمن الجنوبي السابقون وذلك تحت عنوان دعم الشرعية وإدانة الانقلاب الحوثي ورفض التمدد الإيراني بعد انكشاف أمر تورطها العسكري والأمني والتسليحي .

 اذا كان النظام الإيراني سيتمسك بمواقعه العراقية بحكم الأسباب المذهبية والجغرافية والتاريخية لأطول مدة ممكنة فان عليه إعادة ترتيب أوراقه في سائر أرجاء المنطقة وخاصة في الساحة السورية ومن ضمنها الحالة الكردية اذا أراد فعلا الالتزام باتفاق الاطار وصولا الى رفع الحصارالخانق وتضييق العزلة الدولية واذا كانت أجهزة وقوات نظام طهران تتحكم بمصير الأسد وقواه العسكرية والأمنية وحتى حمايته الشخصية فلاشك أن هذه المعادلة في طريق التفكك عاجلا أم آجلا وأن المصالح القومية الداخلية لحكام طهران قد تؤدي الى بيع الأسد ونظامه بأبخس الأثمان وهناك مؤشرات على الطريق  فقد كانت فكرة موسكو 1 منذ بدايتها في صلب المشاورات الثلاثية بين (دمشق – طهران – موسكو) ولكن طرأ تطور جديد منذ تقدم المفاوضات الايرانية - الغربية وصولا الى الاطار المعلن كان من نتائجه السريعة  تقلص الاهتمام الايراني باجتماعات موسكو وهذا مايفسر تغييب عناصر محسوبة على الخط الإيراني عن الاجتماع .

من النتائج السريعة الأخرى بداية تقلص دور قاسم سليماني وغيابه الميداني والإعلامي عن ساحات نشاطاته السابقة بعد أن كان نجما وتعرض جماعاته المسلحة (الحشد الشيعي) الى انتكاسات مسلكية وأخلاقية بعد مجازر تكريت والدور والعلم الى درجة منعها رسميا من المشاركة في حملة الأنبار .

ولاشك أن قيادة – ب ك ك – المقيمة في قنديل – كردستان العراق والتي تغلب عليها الطابع المذهبي المعين والخاضعة للسياسة الإيرانية قد ازداد مأزقها تفاقما ليس بسبب الانقسامات الحاصلة وهروب العشرات من كوادرها المسؤولة ومقاتليها ولجوئها الى بيشمركة الإقليم فحسب بل لأن مخططاتها التقسيمية التآمرية ضد قيادة ورئاسة وحكومة الإقليم وبالتعاون من بعض الأحزاب والجماعات الكردستانية العراقية الحاقدة باءت بالفشل وتلاشت خططها الكانتونية الانقسامية في شنكال وكان آخر مظاهر ذلك الفشل الذريع تسليم متزعم كانتون سنجار نفسه الى مؤسسات الإقليم الشرعية والقانونية وإعلان الانضمام الى قوات البيشمركة والالتزام بقيادتها .

  كما أصاب الهلع  بعض قيادات الأحزاب الكردية السورية الموالية  - سرا أو علنا - لحزب الطالباني الإيراني الهوى وخاصة حزب اليمين الذي بدأ متزعمه البحث عن ملجأ جديد لتنفيذ خطة تآمرية جديدة !! متذرعا بسوء إدارة (المجلس الوطني الكردي) من جانب – ح د ك – سوريا - ناسيا على الأغلب بسبب ظروفه (الخاصة) أنه هو من ساهم في خلق ذلك الكيان المشلول المشوه بأمر من أسياده المعادين للكرد وللثورة السورية وذلك لتشويه صورة الحركة الوطنية الكردية وقطع الطريق على الحراك الشبابي الثوري الكردي مكملا رسالته كرمز للارتداد وخادم مطيع للأجهزة الأمنية السورية بدءا من المكتب الثاني في الخمسينات وانتهاء بأبي جاسم (اللواء محمد منصورة) .

وقد يتساءل بعضهم : ماذا عن النتائج المترتبة على جماعات – ب ك ك – السورية والجواب وكما أرى انها تقترب من ساعة الحقيقة ولكن لآنها متمرسة في نقل البندقية من كتف الى آخر فحتى لو ضاقت بها السبل إيرانيا هناك الخطوط المفتوحة بعدة اتجاهات على نظام الأسد  وأخرى باتجاه أنقرة .

  مهما كانت النتائج المترتبة على هذه الجماعة أو تلك فان حظوظ اجراء تحول حاسم في الحالة الكردية السورية الداخلية باتت أقرب الى المنال حتى العامل الكردستاني وأقصد في أربيل بات أكثر إيجابية مكتفيا بذلك في الوقت الحاضر من دون الدخول بالتفاصيل .