القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 283 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: مشاهدات ( مجزرة عامودا ) 3 / 3

 
الأحد 28 حزيران 2015


مظلوم قرنو
 
بينما كنت قد وصلت للتو إلى الحي الذي أقطن فيه ،  لأنني كنت مع المتظاهرين عندما اطلقوا علينا بعد أن أسعفت شخصاً وقع بالقرب مني ، وكنت في مشفى داري القريب من مكان الحادث ، وكان معظم أهالي عامودا كانوا مجتمعين امام باب المشفى لكثرة الجرحى ، ولم أشاهد شقيقي برزاني هناك ، وبحثت عنه لأصحبه إلى البيت ، ولم يخطر لي على بال ، أنه من الممكن أن يكون برزاني في مشفى بهزاد . وعندما رجعت إلى الحي ، رأيت الناس مجتمعين ، وبعدها بدقائق سمعنا صوت ثلاث طلقات ، وبعدها بدقائق ايضا ، سمعت صوت أحدهم وهو يركض باتجاهنا  مسرعاً ، ويصرخ : قتلوا برزاني  قتلوا برزاني ..  فركض المجتمعون باتجاهه ، وسأله أحدهم : من هو برزاني ؟. برزاني ابن من ؟. ، لأن في كل بيت في عائلتنا يوجد اسم برزاني . فعرفت بأنه اخي برزاني الشجاع . 


فركضت مسرعاً باتجاه السوق ، لكن  شخصاً قابلته على الطريق أخبرني بأن برزاني بخير ، وهو في مشفى بهزاد ، فذهبت باتجاه المشفى ، فوجئت بوصول والدتي وإخوتي قبلي ، كان جميعهم حفاة ، و حتى هم أنفسهم لم يدركوا كيف وصلوا إلى هناك ، بعد سماعهم نبأ استشهاد برزاني ، وهناك طلب منّا الأطباء ، بضرورة نقله إلى مشافي تركيا ، فرافقناه أنا وأخي ياسر وشخصين آخرين من المهربين الذين ساعدونا في نقله الى تركيا .
وعندما بلغنا الحدود التركية ، ذهب أحد المهربين وتحدث مع الجنود الأتراك باللغة التركية ،  وأخبرهم باننا نحمل جريحاً ، وهو بحاجة للعلاج ، وأخبرهم أيضاً عن منع مليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي من اسعافه الى قامشلو ، بعدما ارتكبوا مجزرة بحق اهالي عامودا ، والجنود الأتراك أيضا كانوا قد سمعوا اصوات اطلاق النار من عامودا ، وعندما أخبرهم القصة ، طلب الجنود إمهالهم بعض الوقت كي يتصلوا مع الضابط المسؤول . 
  أنا وشقيقي ياسر ، كنا نعانق شقينا برزاني الذي كان يحتضر ، وكنّا نبكي وننادي بصوت مرتفع : ساعدونا إنه يموت ، ولكننا لم نكن نلق جوابا لاستغاثتنا . وبعد مضي نصف ساعة أدخلونا إلى الطرف الثاني من الحدود ، واصطحبونا إلى مخفر جدودي ، وبقينا هناك أكثر من ساعة ، ولم تصل سيارة الإسعاف ، وعندما ذهبت الى غرفة الضابط ، وطلبت منه الاستفسار عن سيارة  الاسعاف ، وكنت أصرخ وأبكي ، عندها نهض الضابط واعتدى عليّ بالضرب ، وكان يصرخ متحدثاً بالتركية ، ولكنني لم أكن أفهمه . فتدخل بعض الجنود الكورد بترجمة ما يقوله الضابط ، وكانت الترجمة تقول : أنه ينبغي علي أن أسكت وأنتظر حتى تأتي سيارة الإسعاف . فذهبت وجلست بالقرب من شقيقي ، وأدركت بأن برزاني قد فارق الحياة ، بسبب كثرة النزف من رأسه. وأخيراً  وصلت سيارة الإسعاف ، وأخبرنا الطاقم الطبي بأنه قد فارق الحياة منذ نصف ساعة ، فطلبنا منهم ان نعود أدراجنا إلى عامودا ، لنقوم بإجراءات الدفن ، ولكنهم رفضوا ، وقالوا لنا ينبغي ان تذهب جثة الى المشفى ، لاستكمال الإجراءات القانونية . وبعدئذٍ سنسمح لكم بالرجوع . 
وفي يوم التالي ، وبعد الانتهاء من الاجراءات ، اتصلنا مع الأهل في عامودا ، لإجراء الترتيبات اللازمة للجنازة ، وكان ردهم بأننا لا نستطيع الدخول إلى عامودا ، وذلك بسبب الحصار المفروض عليها من قبل ميليشيات ب ي د ، وقد تم اعتقال جميع نشطاء البلدة تقريباً ،  ولا زالت المداهمات مستمرة ، وبيتنا محاصر بالسيارات المسلحة برشاشات الدوشكا ، والقنّاصون يتمترسون  فوق أسطح الجيران ، ولا أحد يستطيع أن يخرج او يفتح باب بيته ، وحتى الشهداء الذين استشهدوا البارحة لم يسمح ب ي د بدفنهم حتى هذه اللحظة ، وطلبوا من ذويهم أن يتم الدفن سراً ، والبلدة مقطعة الأوصال بسبب كثرة الحواجز ، بدءاً من مداخل عامودا ومخارجها ، مروراً بأحيائها وحاراتها ، وقد تعرضّ علي رنده وجاره دارا داري إلى إطلاق نار ، وتم نقله إلى مشافي تركيا .
  وبعد أربعة أيام قضيناها في مدينة نصيبين ، سمحت لنا ميليشيات ب ي د بالدخول ، واشترطت علينا من قبل شخص من انصارهم ، وهو من أكراد تركيا ، بالسماح لنا بالرجوع ، بشرط الدفن  سراً وفي الليل ، أو أنهم لن يسمحوا لنا بالرجوع ، وإذا حاولنا أن نقوم بتشييع الجثمان سوف يقومون بإطلاق النار علينا وقتلنا جميعاً . فوافقنا على شروطهم . وعندما ذهب شخص ليطلب سيارة إسعاف من البلدية لنقل جثمان الشهيد إلى معبر درباسية ، رفضت رئيسة بلدية نصيبين ( عائشة كولكان ) إعطاءنا سيارة الإسعاف ، بحجة أننا أعداءهم ، وبأننا كنا مرتزقة وأردوغانيين ، ونقف بالضدّ من  حزب ب ي د . 
مما اضطر أكراد سورية الذين أتوا إلى المشفى لمساعدتنا ، إلى استئجار سيارة خاصة ، لنقلنا إلى معبر درباسية ، وعند وصلنا الى هناك كانت الساعة الرابعة عصراً ، رافقتنا ثلاث سيارات مدججة بالأسلحة الثقيلة ، حتى بلغنا عامودا ، وعند وصولنا الى حاجز ب ي د على مدخل عامودا كانت الساعة الحادية عشرة ليلاً ، وبينما الطريق لم تكن تستغرق نصف ساعة ، فقد عملوا على تأخيرنا على الطريق  لكي نقوم بدفنه ليلاً ، ودون أن يشاهدنا أحد ، أو يشركنا أحد ، ولم تستطع والدتي أن تودّع ابنها ، ولو للحظات ، لأننا قمنا بدفنه على عَجَل وليلا

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات