القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 560 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: إيران وتفكيك المجتمعات العربية

 
الأربعاء 01 تموز 2015


صبري رسول

الأنظمة الاستبدادية التي حكمت البلاد ورقاب العباد، منذ عقودٍ طويلة، نجحت في ترسيخ الطّائفية والفئوية في بنية المجتمع، وتحت شعاراتٍ سياسية برّاقة، وجعلها سلوكاً في نظام الحكم، على حساب قِيم الوطنية وإن كان تحت شعاراتها، فاستغلّ النّظام الإيراني خلخلة المجتمع العربي فتغلغل فيه بقوة. 
كان همُّ الأنظمة الشّمولية الاستحواذ على اقتصاد البلاد، وتطويع رقاب أفراد المجتمع، والحكم على النّاس بقبضةٍ من حديدٍ، فسخّر كلّ ما لديها من قوة ونفوذ لترسيخ الطائفية، وجعلها سلوكاً وثقافة يومية، بالاعتماد على أجهزة أمنية تغوَّلت بشكلٍ مُرعِب، تحميها حصانةٌ مطلقة لاتطالُها المحاكمات مهما ارتكبت أفعالاً شائنة، حتى أصبح النّسيج الاجتماعي منشطراً وقابلاً للتّشظّي والانفجار في أي لحظة،


 ونظام ولاية الفقيه في إيران لم يتوانَ في التّغلغل عميقاً في بنية المجتمعات العربية، ونشر أفكاره ودعم مؤيديه، منذ بداية التّسعينات، مستغلاً فئة الشباب وعزلتها الاجتماعية والبطالة المتفشية بينها كحصان طروادة، لتسهيل التّحكم بها مستقبلاً، وبات يُراقب الوضع عن كثب، للدّخول إلى السّاحة عند حدوث أي قلاقل أو مشاكل داخلية، من اجتماعية وسياسية. 
وضعَت إيران مشروعها السّياسي الدّيني هذا على نارٍ هادئة، لتستوي بعد عقدين من الزمن. فالتوسّع الشّيعي القوي والسّريع والعابر للقوميات والخرائط الجغرافية والسياسية، والخارق لأسوار الحكومات، ولحصون استخباراتها. تسعى إيران إلى تقوية نفوذها نتيجة طموحاتها في التوسّع. والسّيطرة على قراراتٍ سياسية تشكّلُ هدفاً لملالي طهران في سعيٍّ إلى امتلاك قوى وأوراق قد تحرّكها عند الحاجة، وشكّل هاجساً للعرب. 
  حيثُ تعتمد إيران على وجود هذه الطّائفة لدى مختلف القوميات في الشّرق الأوسط، العرب، والترك، والكرد، فيسعى إلى جعلها نقاطَ ارتكازٍ لتغلغلها في النّسيج الاجتماعي لتلك القوميات، وطلائع متقدمة لضرب الاستقرار السياسي عند الحاجة. 
المفاهيم المذهبية المشتركة، والمتقاربة أو المتقاطعة مع ولاية الفقيه يستغلّها النّظام الطّائفي في إيران للاستفادة من الطّاقات البشرية في العالم العربي، والاعتماد عليها لتحقيق أهدافها، فقد أباح قائد ثورة إيران الإسلامية آية الله الخميني هتك المسلمين من أهل السّنة في كتابه (المكاسب المحرمة): ((إن أهل السنة و الزيدية والإسماعيلية ليسوا إخوان للاثني عشرية، يجوز لعنهم وغيبتهم وهتكهم))الجزء الأول  صـ251
ومن أبرز الطوائف التي اعتمدت عليها إيران في العالم العربي، تلك المتقاربة معها عقائدياً، كالشّيعة في العراق ولبنان، والعلويين في سوريا، والحوثيين في اليمن اتّخذتها أدواتٍ تستعملها للدخول إلى المجتمعات العربية، وبدأتْ تتجذّر في نسيجها الاجتماعي، لخلقِ أرضيةٍ ملائمة لنشر ثقافتها الطائفية. 
خلال أمَدِ الأزمات التي عصفت بالمجتمعات العربية تحت تأثير الربيع العربي لم تختلف إيران مع روسيا لتشابك مواقفهما وحرصهما على بقاء تلك الأنظمة حفاظاً على مصالهما، لكن التطورات الميدانية الأخيرة الناتجة عن عاصفة الحزم 26/3/2015م ضدّ الانقلاب الحوثي وبقايا نظام علي عبدالله الصالح غيّرت منهج التعامل مع النظام الإيراني وتابعيها في المنطقة العربية، وكذلك الاتفاقيات الأخيرة بين السعودية وروسيا (في مجالات الطاقة والإسكان والفضاء إضافة إلى اتفاقات عسكرية) قد تفتح آفاقاً جديدة في العلاقات بين دول الخليج وروسيا، تُدخل الطمأنينة والدفء إلى الثورات العربية، وتوقف نزيفها الأليم، وتدفع الدّب الأبيض الرّوسي إلى إعادة قراءتها لعلاقاتها مع أنظمة الحكم.
وهذه التطورات قد تضع حدّاً للنفوذ الإيراني وتخلقُ توازناتٍ جديدة سياسية وعسكرية، تُصيغ المشهد السياسي الجديد خلال الأشهر القادمة.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات