القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 509 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الكُردي بوصفه حيواناً

 
الأربعاء 14 شباط 2018


 ابراهيم محمود

في لحظة غفلة، أطلق خيالي المحموم العنان لنفسه، وعلى غير جرْي العادة، كما هو الجاري واقعاً، دفع بالكردي إلى خانة الحيوان، شعوراً منه أنه يخفّف من وطأة الواقع الملتهب. ليجري ما ليس في الحسبان في الإثر، وهو أن احتجاجات كثيرة اجتاحت مناطق مختلفة من العالم لإعادة الأمور إلى نصابها، لأن مجرد اعتبار الكردي حيواناً، يعني- في الحال- خللاً في النظام الحيوي والبيئي، وبلبلة مضاعفة ليس في مقدور أي قوة عالمية، حتى لو كانت ترامبية أو بوتينية، التصدي لها أو استعادة الوضعية السابقة. إذ إنه في ضوء هذه الحالة غير المسبوقة، لا بد من اتخاذ التالي:


1-إيجاد أمكنة خاصة تستوعب هذا الفائض " الحيواني " الجديد، وفي أمكنة مختلفة، غير أماكن تواجد الكرد.
2- ضرورة ظهور منظمات دولية حيوانية مستحدثة تعطي اعتباراً لهذا الحيوان وترعاه وتصنفه كما ينبغي.
3- إجراء فحوصات دقيقة له، ومن ثم تسليط الأضواء عليه ليتم التعرف عليه عن قرب من قبل العالم أجمع، كأي حيوان له اعتباره المعترَف به.
4- لا بد من تأمين احتياجاته ذات الصفة الحيوانية الخاصة، وهو بهذه الكمية الهائلة عدا عن مساحة انتشاره .
أما من ناحية الاحتجاجات وصرخات الاستنكار لهذا الإخلال المريع بالنظام الحيوي والبيئي فمردّها نقاط عديدة:
أولاً، سوف يخلّف هذا التحويل النوعي فراغاً كبيراً في المجتمع، ليس في مقدور أي قوة اجتماعية أو سياسية سدّه، وهذا من شأنه تعريض العالم أجمع لأكثر من كارثة حيوية وسياسية واجتماعية، وكما أشير إلى ذلك بداية أيضاً.
ثانياً، يحتاج هذا العدد الكبير من " الحيوانات " إلى رعاية خاصة، وتخصيص عدد كبير بالمقابل من المشرفين، عدا عن الأجهزة والأدوات المساعدة على حساب حيوانات أخرى بالتأكيد.
ثالثاً، إن طريقة تربية هذا " الحيوان " المعلَن حديثاً عن اسمه، ومن ثم ذبحه وإعداده للطبخ، هي الأخرى تتطلب فترة من الزمن، عدا عن التمهيد لطرحه لحمه ومشتقاته الآخرى في الأسواق المحلية وحتى العالمية، وهي عملية مكلفة إلى حد كبير.
رابعاً، وهذه هي النقطة الأهم، وهي أن مجرد الإعلان عن وجود حيوان جديد، وما يخلفه من فراغ نوعي في المجتمع، فإن نسبة العنف سوف تزداد، ولن يكون هناك من يمكنه تخفيف حدته بديلاً عنه، أي لحظة اعتبار الكردي حيواناً وحتى ذبحه كأي حيوان، بينما في الحالة الأولى، وهو في مقام الإنسان، ولكنه دون مقاماً، ويمكن التصرف به، ذبحاً أو تمثيلاً فيه، وخصوصاً في الدول التي ترى في النيل منه وهي تسلط الأضواء عليه مجالاً لخفض التوتر، وتصريف عنفها، فإنه في الحالة هذه وحدها، يمكن أن يحول دون ظهور العنف الفائض، وهي عبارة عن معادلة لا يعرف محتواها، إلا من يرفض الاعتراف به إنساناً كسواه، أي على أنه خارج التقويم الإنساني، وربما بالطريقة هذه يمكن الربط بين وجوه العنف الدموية المركَّزة عليه وأمام أنظار العالم، وكيفية التغاضي عما يجري بحقه غير المصنَّف هنا وهناك دولياً.
هنا، جفلت وأنا منجرف في تيار خيالي المحموم، وتملكتني رعشة رهيبة، استعدت وعيي السابق، وأنا مطروح بين شقّي سوال: في المسافة الممتدة بين الإنسان والحيوان أين يتمركز الكردي في العُرف الجاري بحقه، وكيف يتمركز؟ 
حتى الآن لم أجد جواباً لهذا السؤال !
دهوك-في 14-2/2018 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات