لا شك أن الثورة السورية فرضت مناخا جديدا للتعاطي مع القضايا كلها بشكل مختلف, إضافة أنها فرضت آليات وأدوات جديدة, لتأخذ دورها المنوط بها في حضن الثورة السورية السلمية, إلا أن هناك عقبات كبيرة أمام الولادة الحقيقية للمؤسسات والنقابات والمنظمات بحلتها المعروفة لدى الغرب, فإن هذه الأطر والأدوات كلّها تعكس الحالة التي كان عليها الواقع السوري قبل اندلاع الثورة, لأن تغيير آليات العمل التي رسختها الثقافة الشمولية وتأطيرها لن يكون سهلا, ولذا من المفترض أن نتقبل حدوث أخطاء وهفوات هنا وهناك, وعلى الأصعدة كافة, لأننا ننطلق من واقع شمولي لم يشهد العمل المؤسساتي أو أي عمل جماعي منذ أكثر من أربعين عاما, وهذا لا يحسب على السياسيين فقط, بل أغلب الأطر والهيئات الثقافية أيضا مشمولة لأنها امتداد ونتاج لذلك الواقع الشمولي بالمعايير جميعها, إن لم نقل كلها مع احترامنا للطاقات والجهود والأسماء كلها.
أتفق تماما مع من يعتقد أن هناك أهمية قصوى لإطار يضم الطاقات والإبداعات كلها, خدمة للثقافة أو الأدب أو الثورة, المسألة لا تكمن بمكان انعقاد المؤتمرات أو الاجتماعات بقدر ما تتعلق بآليات العمل وكيفية اتخاذ تشكيل أطر ومنظمات, يستطيع المعني بكل سهولة أن يتواصل مع أي نشاط أو عمل أينما كان, ولحسن الحظ هناك وسائل متنوعة وكثيرة يستطيع المعني أن يستفيد منها ويتفاعل معها ببساطة, هناك طاقات هائلة في الخارج والداخل, فتمثيلها وتأطيرها ليس بأمر صعب, يستطيع المعنيون من خلال بيان أو نداء مفتوح أو رسائل عن طريق المواقع النت والتواصل الاجتماعي للتواصل مع الجميع, وطرح شكل ومضمون الفكرة, وتبادل المقترحات والأفكار, حينها, ستكون هناك ولادة طبيعية لإطار يضم أغلب المعنيين إن لم نقل جميعهم, وإذا كانت مواقع النت وعلى رأسهم موقع welate me لعبت دورا مهما في ولادة المجلس الوطني الكردي وتأطيرها, فإنها بإمكانها –اليوم- أيضا أن تلعب هذه المواقع كلها الدور نفسه ليكون عامل التأطير والتلاقي, وما يقوم به, وهذه الدعوة تأكيد على ما ذهبتُ إليه.
أقول لا بديل عن فكرة التواصل والحوار لتأسيس الإطار المنشود, لا يزال هناك وقت كافي, لدراسة هذا المشروع والبحث عن آليات يرضي الجميع, نعم للداخل والخارج معا, وللقدرات والطاقات كلها من أجل واقع جديد على الأصعدة كلها, ومن أجل هذه اللحظة التاريخية . ودمتم
zarakobani@hotmail.com
حسين جلبي: الإطار الثقافي الواحد سيكون صمام أمامٍ سيمنع المزيد من الإنفجارات في الحقول الأُخرى، أو تقليل الخسائر في حال حصولها.
شخصياً، أعمل منذ مدة طويلة بشكلٍ مستقل، دون مظلة إنتمي إليها، أو أحتمي بها، لكن طموحي في التواجد مع الأخوة الكتاب و المثقفين ضمن إطارٍ واحد، لا أفقد فيه إستقلاليتي و حيادي، و هو الأهم بالنسبة لي، و خاصةً بعد أن وجدت نفسي في أحايين كثيرة وحيداً، خلال المشاركة في العديد من الفعاليات، دفعني في لحظةٍ ما، قبل أيامٍ قليلة، للتفكير بالإنضمام إلى رابطة الكتاب و الصحفيين الكُرد، حيث قلت أن الوضع لن يكون كما هو الحال في بعض الأطر الأخرى الموجودة، و التي ينتشر في بعضها الصراخ بدل الحوار، كما يجمع بعضها مستويات شديدة التفاوت.
لكن ما حدث بعد ذلك من مناوشات بشأن المؤتمر المزمع عقده للرابطة أصابني حقيقةً بخيبة أمل، و جعلني أشعر أن كل شئ لدينا هو مشروع خلاف و ليس إختلاف، كل شئ لدينا قابل للقسمة فقط، ليس بمفهومها كعملية حسابية صحية بل كعملية تفتيت لدرجة تُصبح القضية معها أكبر من كل جزء على حدة، و أكبر من كل الأجزاء مجتمعةً، بحيث لا يبقى لها ـ للأجزاء ـ أي وزن، فتذروها الرياح من أول نفخة.
يُخيل لي حقيقةً أن كلمة السر في الإشكال الحاصل هي (المؤتمر) و ليس خلاف جوهري على الأفكار لتطوير عمل الرابطة، فقد تفجر غضب البعض بسبب عدم تمكنه من حضور مؤتمر الرابطة الأول المزمع عقده في الخارج ربما.. أو عدم رغبته بخوض مغامرة ـ كذلك ربما ـ في حال دعوته للحضور، أو بسبب الخشية من عدم دعوته أصلاً، أو إنكشاف حقيقة مستواه في حال حضوره.
و لأن قضية المؤتمر أصبحت العقدة، فيجب التفكير بحلها أولاً لكي يزال ما عَلِق بالقلوب من مشاعر سلبية، و لأنه يستحيل عقد مؤتمر في الخارج و يتم دعوة كل من بالداخل إليه و بالتالي حضورهم جميعاً، و كذلك يستحيل عقده في داخل سوريا بحضور أغلبية إن لم أقل جميع من في الخارج لدواعٍ أولها أمنية، و لأن الكتاب و الأدباء الكُرد لا يستطيعون ضمان أمن و سلامة من سيحضر من الخارج لحضور مؤتمرهم، و لذلك هناك عدة حلول يمكن إيجاز بعضها على الشكل التالي:
الأول: إعتماد رابطة الكتاب و الصحفيين الكُرد بوضعها الحالي كمرجعية تمثيلية للكتاب و الصحفيين الكُرد، و تأجيل عقد المؤتمر الأول إلى ما بعد السقوط الفعلي للنظام، مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية إبتعاد الكثيرين عن الرابطة و تجاوز الأحداث لفكرتها، شأنها في ذلك شأن العشرات إن لم يكن المئات من الأشكال الجمعية القائمة اليوم، و حينها ستكون فكرة الرابطة قد ماتت في مهدها، و سنجد أعضاءها في أطر جديدة ستفرزها ضرورات ما بعد الثورة.
الثاني: أن يعتبر الأدباء في داخل سوريا زملائهم خارجها يعيشون في مناطق محررة، و بسبب ظروف الإحتلال القاسية التي يعيشها من في الداخل يترك هؤلاء لزملائهم الذين يعيشون أجواء الحرية بما توفره من إمكانيات تنظيم المؤتمر على أن يشترك من في الداخل به عبر دائرة إتصال مغلقة، و تترك لهم نسبة تمثيل تعادل حجمهم.
الثالث: أن يتم عقدين مؤتمرين متزامنين داخل و خارج سوريا للرابطة على أرضية ما تم إنجازه منذ تأسيس الرابطة من نظامٍ داخلي و غيره من الوثائق، على أن يجري التنسيق و التكامل بينهما في كل شئ ، و أن ينتج عنهما إنشاء رابطتين واحدة للكتاب و الصحفيين الكُرد في الداخل و أُخرى للكتاب و الصحفيين الكُرد في الخارج.
لقد كنت في الغالب ضد تجارب الأطر الجامعة كُردياً لأنها كانت و للأسف بوابات واسعة للمزيد من التنافر و المشاحنات، و مناسبات جديدة لفتح جبهات جديدة للصراع، و إضاعة الوقت الذي أصبح من دم على قضايا تافهة، من خلال إشغال الناس بها، لكنني لا أستطيع في مسألة الإطار الثقافي الجامع إلا و أن أتزحزح عن بعض تلك القناعات، كونه ـ أي الإطار الثقافي الواحد ـ سيكون صمام أمامٍ سيمنع المزيد من الإنفجارات في الحقول الأُخرى، أو تقليل الخسائر في حال حصولها.
تقبلوا خالص مودتي
علي صالح ميراني: اتمنى على الجميع التحلي بروح المسؤولية كمثقفين اصلاء، وعدم الانجرار وراء الامجاد المخيبة، لان للتاريخ عيونا ثاقبة وروحا لاترحم ايا كان
بداية اوجه كل الشكر للاخوة القائمين على موقع "ولاتى مه" المميز، والذي أصبح بفعل تفاني مجموعة شابة، من أهم منابر الكورد السوريين الإعلامية، اما فيما يخص البحث في ملف اتحاد الكتاب والصحفيين الذي اثير حول تشكيله الكثير من التساؤلات والاستفهامات بين مؤيد يسوغ حجج ضرورة بنائه، ومعارض يجد في اليات تشكيله الحالية انتقاصا للعملية الديمقراطية ووأدا للشفافية المطلوبة في هكذا محافل، وبغض النظر عن رأي هذا وذاك، اجد ان الحقل "الثقافي ـ المعرفي" الكوردي السوري، اصبح هو الاخر ساحة تنازع وتجاذب غير مقبولة ومبررة، وكأن امراض السياسة والساسة انتقلت اليه، تماما كما تنتقل افة التسوس من تفاحة الى الاخرى ولا تكف عن البحث حتى تفسد جميع االتفاحات
ان الثقافة عالم غير عالم السياسة، انها عالم ذوي الدماء الحالمة، والمشاعر الرقيقة، والانفس الجميلة، ومع ذلك نجد من يحاول تخريب قدسية هذا العالم عبر إسقاطات مريضة لاتستقيم مع ماهو قائم وموجود على ارض الواقع، تنتابني احيان كثيرة مشاعر الخيبة من بعض مثقفينا الذين يجدون في ذهنية السياسي الدخيل، الانموذج الصالح للاقتداء، او على الاقل يجدون كل الراحة وهناء البال في الاستظلال بظلاله والتنعم في فيء حزبه وتياره السياسي ، فقط من اجل عدم الحرمان من حجز مقعد له في المناسبات الاديبة والسياسية على السواء.
ان تشكيل اتحاد للكتاب والصحفيين الكورد في سوريا، حديث متأخر جدا، حيث كان من الواجب ان يكون لنا اتحاد منذ عقود من الزمن يتكفل بالحفاظ على اركان ثقافتنا المميزة من خطر اوهام المجد الزائف لبعض الدخلاء، ومن بطش سياسة المحو والاقصاء السورية والتي لم تألوا جهدا في طمسها عن بكرة ابيها، وبالرغم من ذلك نجد من يضع العصي في عجلات هذا المشروع الحيوي المهم، لحجج ومبررات واهية، وبناء على ما سبق اتمنى على الجميع التحلي بروح المسؤولية كمثقفين اصلاء، وعدم الانجرار وراء الامجاد المخيبة، لان للتاريخ عيونا ثاقبة وروحا لاترحم ايا كان، وسجلات كبيرة ودقيقة تحتفظ بمواقف كل منا وان طال الزمن.