كان الطقس جميلآ والشمس ساطعة وتلمع بكل بهائها وأخذت من كبد السماء مكانآ لها ودرجة الحرارة بلغت ذروتها حسب معدلات المعتادة خلال فصل الخريف من شهر تشرين الأول في السنة. عاد ريزان من المدرسة بينما كنت قد أطعمت الصغار آزاد وكاميران وتناولت طعامي معهم.
قلت لريزان: يا إبني أنا ذاهب الى المدينة وستبقى انت مع إخوتك. تناول طعامك وقم بكتابت وظائفك
ليوم الغد. قلت إخوتك لم يخرجوا من البيت الى الأن فإذا إنتهيت من كتابة وظائفك وخفت الحرارة بامكانك أخذهم الى حديقة الحي وشراء شيئ ما لهم ولكن لا تطول هناك أكثر من ساعة.
لا تنسى أن تكون قبل الثالثة في البيت لأن خواتك سيعودون من المدرسة وليس معهن مفتاح البيت.
أجاب: نعم أبي معي نقود كافية.
قلت: طيب على خير دير بالك على إخوتك وانا ذاهب ولا تنسى إخبار ماما بأنني سأعود قبل العشاء إن شاء الله.
أجاب: حاضر أبي.
حملت حقيبتي وإستلمت درج المبنى بعد ان أغلقت باب الشقة. لم يمرعلى وجودي في محل السيارات إلا ربع ساعة وإذ بهاتفي الخليوي يرن وما أن قلت ألوا، حتى جأني صوت أخي سربست وهو يقول:
- أنا أخوك سربست. كيف الحال؟
أجاب: لا أسمعك بشكل جيد تحرك من مكانك أو إرفع صوتك قليلآ.
قلت: حاضر أخي سوف أخرج للخارج حتى آخذ راحتي في الكلام.
ضحكت ...
أجبت: نعم بالضبط.
قال: فيها الخير والله يوفقك في الإختيار. إسمع أخي الحبيب أنا بخير والنقود أصبحت على الطريق. وفي المساء ستكون نسخة عن الحوالة عندكم على عنوان إلإيميل وبامكانك نسخها الليلة مباشرة. ولا تنسى أن ترسل لي صوركم مع السيارة التي ستشتريها بالإضافة الى نسخة عن عقد الشراء ومواصفات السيارة ولاحقآ فليم قصير وانتم تقودون السيارة.
قلت: أولآ تشكر وسلمت يداك وما طلبته هذا أقل ما يمكننا فعله لكَ. على فكرة اللون الفضي يعجبني أكثر من الألوان الإخرى.
أجاب: إختار اللون والموديل الذي يناسب ذوقك، لأنك انت الذي ستقود السيارة وتستخدمها.
أجبت: لا .. ليس عندي اسئلة. شكرآ وعن قريب إن شاء الله سنتحدث معك عن طريق الإسكايب.
أجابني قائلآ: على خير ونهارك سعيد وسلامي للجميع وبالتوفيق.
قلت: مع السلامة .. مع السلامة وأغلق الهاتف.
بعد تلك المكالمة عدت الى المحل للقيام بجولة إخرى على السيارات وهذه المرة بثقة أكبر ومعنويات عالية وإحساس جميل ولم تكاد تسعني الدنيا من الفرحة في تلك اللحظة. أعتقد إن المسافة الحقيقة بين البشر تكمن في المشاعر والمحبة التي تربطهم وليس في عدد الكيلومترات التي تفصلهم عنبعضهما البعض.
بعد جولة جديدة بين السيارات الخاصة والتمعن في الأسعار والمواصفات والمقارنة بين الموديلات والأنواع، قررت بيني وبين نفسي شراء سيارة (كيا- ريو) موديل 2010 صناعة كوريا الجنوبية. لقد وجدتها سيارة معقولة السعر( 700.000 ل.س) أي ما يعدل عشرة ألاف يورو ومن ضمنها تأمين على السيارة لسنة كاملة مع ضمان ثلاثة سنوات.
إلى جانب ذلك إستفسرت حول موضوع التسجيل وإخراج رقم للسيارة وطلبت من أحد الموظفين كتالوك ولائحة بالمواصفات والأسعار وشروط البيع وأخذتهم معي للبيت لدراستهم بهدوء.
لم يمر سوى عدة أيام حتى إتصلوا بي من البنك المصرف التجاري السوري- فرع حلب وأخبروني بوصول حوالة بنكية باسمي وأخبرني مِن مَن والمبلغ المحول. شكرته على الإتصال سألته عن سعر صرف اليورو حاليآ لدى البنك فأجابني:
- اليورو اليوم عندنا يساوي 70 ليرة سورية.
قلت: سعر جيد.
أجاب: نعم هذا صحيح. إن اردت سحب المبلغ لا تنسى هويتك الشخصية.
قلت: لا بالتأكيد لن أنسى.
أجاب: يومك سعيد.
أجبت: ونهارك أيضآ ومع جزيل الشكر على هذه الخبرية الحلوة.
في نفس اليوم إتصلت بأحد الأصدقاء وطلبت منه ان يرافقني في الغد الى محل السيارات بحكم خبرته ومعرفته الجيدة بالسيارات. بالفعل وافق على ان يرافقني إلا انه إشترط ان يكون بعد الظهر. قلت له لا إشكال في الأمر. إتفقت معه على موعد محدد والمكان الذي سنلتقي به حسب رغبته. واخبرته إن إشترينا السيارة سيرافقني الى القرية فوافق مشكورآ.
في الصباح توقفت في البنك وسحبت المبلغ وقمت بتحويله الى الليرات السورية عند محلات الصرافة لان السعر المعروض عندهم كان أفضل من البنك.
بعد الظهر إلقيت صديق أسعد وإتجهنا الى محل السيارات وقمنا بجولة بين السيارات وأشرت على السيارة التي أرغب في شرائها. أمعن أسعد في السيارة ونظر في المحرك وشاهدها من الداخل وإطلع على المواصفات وتحدث مع احد العاملين في المحل حول شروط البيع وكل الإمور المتعلق بالبيع.
ثم أخبرني برأيه قائلآ:
- السيارة وفق السعر والشروط المعروضة للبيع مقبولة. إذا كنت ترغب في شرائها توكل على الله.
قلت: نعم ارغب في الشراء وأريد هذه السيارة إلا أنهم قالوا لي عندما كنت هنا من عدة أيام بأن اللون الفضي لم يعد يوجد منها وانا كنت ارغب بذاك اللون.
أجابني أسعد: اللون الأسود أيضآ جميل بل حسب رأي أجمل من الفضي ولكن ذلك يعود الى ذوق كل شخص بالتأكيد.
قلت: على خير، توكلنا على الله وإتجهنا أنا والأخ أسعد الى مكتب الشركة الموجود في الطابق الأول للمبنى لشراء السيارة.
وبعد حوالي الساعتين انتهينا من عقد الشراء وكامل المعاملة التمعلقة بذلك مثل عقد التأمين لسنة كاملة وموضوع النمرة وأوراق التسجيل ودفع المبلغ والتوقيع وتسليم السيارة. بعدها بارك لي جميع الحاضرين وشربنا قدح من العصير لكوني لا أشرب الكحول. وإستلمت جميع الأوراق والمفاتيح وحقيبة كهدية. وعندما قمنا بجولة قصيرة بالسارة داخل باحة المحل كان يملكني شعور غامر بالفرحة والبهجة وكدت لا أصدق إن الحلم أصبح حقيقة !
لقد فرح الأخ أسعد كثيرآ وبارك لي في السيارة عشرات المرات مشكورآ.
بعدها ودعنا صاحب الشركة والعاملين فيها وإنطلقنا بالسيارة أنا والأخ أسعد وهو يقود السيارة لأنني لم أكن قد سقت السيارة من قبل.
5
في البداية توجهنا الى إحدى الكازيات (محطة البنزين) وقمت باملاء ضبو السيارة بالبنزين وقمت بشراء بعض الزيوت والأشياء الضروية للسيارة. قبل ان ننطلق من جديد إتصلت بالبيت وطلبت منهم بأن يحضروا أنفسهم لكي نسافر الى القرية لأن عطلة نهاية الإسبوع قد حلت.
قالت إم ريزان: نحن تقريبآ جاهزين.
أجبتها: هذا جيد.
سألتني قائلة: إبن عمي أين انت الأن ومتى ستعود الى البيت؟
قلت أنا حاليآ موجود في المدينة وحوالي ساعة زمان سوف أكون في البيت وفي الحال سننطلق الى القرية.
قالت: طيب نحن بانتظارك.
قلت: الى اللقاء.
ردت: مع السلامة.
قمنا بجولة بالسيارة في منطقة هادئة وقليلة المرور في أطراف المدينة وقمت أنا بقيادة السيارة وجلس أسعد بجواري محاولآ مساعدتي وتشجيعي أثناء السواقة وكنت أقود السيارة بهدوء وقليلآ من الخوف. عندما جلست خلف الموقد كان شعوري لا يوصف وخاصة السيارة حديثة وموديل نفس العام.
وأول ما جلست سميت باسم الله وشكرت أخي ودعوت له بالخير والصحة وترحمت على والدي رحمه الله. علق الأخ أسعد وقال:
- صدقني قليلون من هم من طينة أخوك فإحمد ربك الذي أنعم عليك بمثل هذا الأخ ولا تخذله.
أجبته: صدقت يا أخ أسعد. فعلآ أخي سربست من طينة خاصة ونادرة في هذه الأيام. إن شاء لن أخذله يومآ وهذا وعد امام رب العالمين وأمامك.
قال: أتمنى ذلك وإلا ستخصر أخاك نهائيآ.
قلت: لن يحدث ذلك بإذن الله.
بعدها إتجهنا نحو حي الأشرفية حيث بيتنا وتوقفنا عند الفرن الألي القريب من الحديقة وطلبت من أسعد
البقاء في السيارة وأنا سأذهب الى البيت لجلب العائلة والحقائب لنجعل لهم مفاجئة سعيدة فوافق على ذلك وقلت له لن نتأخر كثيرآ عليك.
من الفرحة والسعادة لم تكاد قدمايا تلامسان الأرض وأنا أقطع الشوارع المؤدية إلى بيتنا في إحد البنايات العادية العديدة التي يتشكل منها الحي والذي يسكنه غالبية كردية والذي يقع على قمة هضبة عالية في المنطقة الشمالية من مدينة حلب. كان شيئ في تلك اللحظة جميلآ والناس سعداء هكذا بدى لي وإنتابني شعور بأن كل الناس تشاركني فرحتي.
لا أدري كيف وصلت إلى البيت وصعدت الدرج وبذلت جهدآ كبيرآ لكي لا أفشي وأحرق المفاجأة.
فتحت الباب وناديت: يا أولاد هل أنتم جاهزون؟
ركض الصغار نحوي سلمت عليهم وإتجهت الى الصالون فألقيت بالتحية على البنات وريزان وولداتهم.
ردوا التحية بالمثل وقالت زوجتي:
- شو تأخرت وين كاين الى الأن؟
أجبتها: كنت في المدينة مع أحد الأصدقاء وإعذروني إن كنت قد تأخرت عليكم بعض الشيئ.
قالت: حصل خير.
سألني ريزان: أبي ماذا حدث بشأن السيارة؟
قلت: لا شيئ جديد الأمر متعلق بالنقود، لكن الله كريم. لم يعلق على ذلك وإكتفى ما قلته له.
بعدها قلت: طيب هيا بنا لم نعد نملك الكثير من الوقت وإلا فاتنا جميع الرحلات.
نهض الجميع وأخرجنا الحقائب إلى أمام الدار وأغلقت الباب بالمفتاح ونزلنا الدرج على مهل. وأخذنا نشق طريقنا بتجاه كراج ميكروباصات القرية حاملين تلك الحقائب. وإذ بي إم رزان تقول متى سنتخلص من هذا العذاب؟
6
قلت: عندما يشاء ربك.
وبعد مضي أكثر من عشرة دقائق من المشي وصلنا إلى جانب السيارة فهنا قلت:
- توقفوا !
- صاحوا ماذا حدث، لِمَ علينا التوقف؟
قلت: لا تضوجوا وضعوا الحقائب على الأرض وناديت على أسعد قائلآ:
يا أسعد: عن إذنك لو تفتح صندوق السيارة لنا.
إلتفت أسعد فشاهدنا وفتح صندوق السيارة. نظر أفراد العائلة جميعهم إلي والى السيارة باستغراب !
قلت: لا تستغربوا لقد أردتها مفاجئة لكم، إنها سيارتنا فضعوا الحقائب بصندوق السيارة يا أولاد.
فبدلآ من وضع الحقائب راحوا ينطوا ويقفذوا في الهواء من الفرح ويدوروا حول السيارة ويلامسوها بشيئ من الرقة كمن يحرص لكي لا يجرح الأخر.
وللتأكيد أكد أسعد على كلامي لكي يصدقوا ويقتنعوا بأن ذلك ليست مزحة والسيارة ليست للأخ أسعد.
ووضعت بين يديهم عقد البيع والشراء. فأخذوا يقبلوني ويباركون لبعضهم البعض. كادوا يطيروا من الفرح وسألتني زوجتي من أين النقود؟
قلت: من أخي سربست كتر الله من أمثاله وحفظه من كل سوء.
قالت: الله يعطيه العافية كم هو حنون وكريم ومحب، كنت اتمنى ان يكون لي أخ مثله. على كل حال هو بمثابة أخ عزيز لي.
إذآ هذا هو الموضوع الذي لم ترغب التحدث عنه في حينها ولهذا لم تستطيع النوم من عدة أيام في العمل أثناء نوبتك الليلية.
قلت: هذا صحيح. لقد أخبرني بذلك وسألني إن كنت ما زلت ارغب في شراء السيارة فقلت نعم ومن ثم ارسل النقود مشكورآ وإلتزمت الصمت لحين وصول النقود الى هنا ومن ثم قلت لنفسي إتركها مفاجئة سارة لهم وهذا ما حدث الأن.
أجابت والفرحة يغمر عينيها: وأي مفاجئة سلمت يداك وأيادي أخوك.
قلت: تشكري. على فكرة أسعد لا يريد ان يصدق بأن النقود من دون اي مقابل.
أجابت: لأن القليلين من هم قادرين على حب إخوته بهذا العمق والمستوى.
أجبت: هذا ما قلته لأخي سربست ذات يوم.
وعندما أخبرت الأولاد بأن السيارة من عمو سربست فرحوا كثيرآ وأخذوا يشكرون عمهم ووعدوا بكتابة رسالة مشتركة ورسم بطاقة شكر وإرسالها له عبر الإيميل.
لايمكنني أن أنسى تلك الفرحة الغامرة التي علت وجوه أبنائي ودموع السعادة التي ترقرت في أعينهم وهم يركبون السيارة مهما حُييت.
قلت لريزان: إسمع يا إبني غدآ أو بعد عليك إرسال رسالة لعمو سربست مرفقة ببعض صور السيارة وصورنا مع السيارة ونسخة عن عقد الشراء وجميع الأوراق الخاصة بالسيارة.
أجابني ريزان قائلآ أمرك أبي.
صعدنا جميعآ الى السيارة والأخ أسعد قاد السيارة داخل المدينة وما أصبحنا خارج المدينة جلست مكان أسعد خلف القود وإنطلقنا بإتجاه القرية والتي تبعد حوالي ثلاثين كيلومتر عن مدينة حلب.
توقفنا أمام الدار ونزل الأطفال و أسرع ريزان لفتح البوابة الخاص بالسيارات لأننا نملك من قبل جرار زراعي لذا كان من السهل الدخول بالسيارة الى أرض الدار من تلك البوابة.
نزلن جميعآ من السيارة وأنزلنا الحقائب وأدخلناها إلى البيت إلا ان الصغار والبنات أصروا البقاء عند السيارة. كان المساء قد بدأ يرخي بظلاله واللامبات راحت تضيئ الواحدة تلوا الإخرى في شوارع القرية المعبدة وكأنها نجمات تلمع في سمائها.
جلسنا أنا والأخ أسعد وإم ريزان أخرجت الأغراض من الحقائب وذهبت لتحضير العشاء لنا وريزان رتب كتبه وكتب شقيقاته ووضع الماء في الغلاية الكهربائية لصنع إبريق من الشاي.
7
أمضينا ليلة مليئة بالفرح بمناسبة شراء السيارة. في الليل لم يلفت الأمر بال أحد وقليلين من الأقرباء شاهدوا قدومنا والذين رأوا ظنوا بأنها لذلك الصديق.
في الصباح بعد تناول الطعام إستأذن الصديق أسعد بالمغادرة الى حلب حيث يعيش. ركبنا السيارة أنا وهو وريزان وقمنا بايصاله الى المدينة وأرسلنا بعض الصور ونسخ عن أوراق السيارة لأخي عبر الإيميل. وبعد الظهر إتصلت به عبر الهاتف وأخبرته بشراء السيارة ونوعها والمبلغ الذي دفعته مقابلها وبالإيميل الذي أرسلناه له. فرح جدآ بالخبر وبارك لنا فيها وتمنى لنا الخير على وجهها. ومن جهتي شكرته كثيرآ وبأننا مدينون له بالكثير.
بعد عودتنا من حلب كان قد تجمع عندنا في البيت الوالدة والإخوة ولاحقآ قدموا الأقارب. وهنا تحولت فرحتنا بالسيارة إلى يوم كئيب وحزين !
أول ما سألني أخي الأصغر مني مباشرةه: هو ماهذه؟
أجبته: سيارة كما تشاهد.
رد قائلآ: ومن أين لك النقود؟ بدلآ من يبارك لنا في السيارة ويفرح بها !..
قلت له: النقود من أخي سربست.
كنتُ قد فاتحته في الموضوع منذ فترة فحين تجمع بين يديه مبلغ من المال أخبرني وأرسل لي النقود منذ عدة أيام والبارحة قمت بشراء السيارة.
رد سألني وقال: بإسم مَن سجلت السيارة؟
أجبته: بإسمي مع موافقة أخي وهو حيٌ يرزق إسأله إن كنت لا تصدقني.
وما أن سمع هو والأخرين وبما فيهم الوالدة تغيرت وجوههم كليآ وأخذوا يعلقون بكلمات خارج نطاق الأدب والذوق دون أي مبرر. ثم غادروا البيت دون ان ينطقوا بكلمة مبروك ولم أستوعب ما هو الجرم الذي إرتكبته بحقهم ! وبعدها قاطعوني ولم يعودوا يردون على تحيتي ولاحتى على عائلتي.
لقد عكروا علينا فرحتنا بدلآ من مشراكتنا الفرحة، مع العلم كان هدفنا من شراء السيارة هو تحسين وضع البيت والأهل.
وبالطبع السيارة لا بد ان تسجل بإسم واحد منا وبما أنا الذي فاتحت أخي بموضوع السيارة وقمت بشرائها وأكبر إخواني في البيت بغياب أخي سربست والوالدة إمرأة مسنة ولا تكتب ولا تقرأ ولا تستطيع السواقة، لذا طلب مني أخي أن أسجل السيارة بإسمي وهذا ما حدث.
ولم يمر سوى بضعة أيام إتصل أخي الكبير سربست بي وأخبرني بأن إخوتي والوالدة إتصلوا به وحالوا إقناعه بأن يأخذ السيارة مني ويسجلها باسم أحد منهم أو باسم الوالدة لأنني سوف أخذ السيارة لنفسي ! فقلت لهم هذا غير وارد وأخي سجل السيارة بإسمه بمعرفتي وبطلب مني. وما دخلكم أنتم بهذا الأمر أنا دفعت النقود وهو قام بشرائها وإنتهى الأمر. ولماذا لا يجوز ان تكون باسمه وان تكون باسمكم ؟!
وقال لي يا أخي دارا:
إن الطمع يعمي عيمن إخوتك والحسد يسود نفوسهم للأسف الشديد، هذا ما توصلت اليه من خلال حديثي معهم. فالأفضل أن تتجنب الرد عليهم وفي كل الأحوال لايستطيعون فعل شيئ النقود مني والسيارة مسجلة بإسمكَ فتهنوا بها انت وأطفالك.
وتابع كلامه قائلآ: الحياة مدرسة غنية بالتجارب الحلوة والمرة. والمال هو أهم أسباب العدوات والإقتتال بين الناس والدول والإخوة فلا تستغرب من تصرفاتهم هم أيضآ جزء من البشر. يا عزيزي قليلون من هم مستعدون للعطاء دون مقابل.
أجبته: ألست أيضآ أنت أخي مثلهم؟
أجاب: حسب علمي نعم.
قلت: ولماذا أنت مختلف عنهم كليآ ولا تفكر بنفس منطقهم ؟
أجابني: صحيح نحن إخوة ولكننا مختليفن والإختلاف من نِعم الله على البشر.
قلت: الله يكتر من أمثالك ويحفظك. لا توأخذني عذبتك معي.
8
رد: أهم شيئ لا تحزن ووكل ربك والى اللقاء في مراتٍ اخرى مع تحياتي.
أجبت: ألف شكر ومع السلامة.
ومن ذلك اليوم عندما أيقنوا بأن أخي سربست لن يستمع لهم قاموا بشن هجوم عنيف عليه وحاولوا تشويه سمعته وإتهامي أنا بأشياء لا تليق بالإنسان العادي اللجوء اليها في خصومته مع الأخرين فما بالكم إذا كان الأمر يتعلق بالإخوة.
فبدلآ من أن تسعدنا شراء السيارة وتفيدنا في الحياة اليومة، أصبحنا بسببها نحن الإخوة أعداء !!! ...
إنتهت.
إذا كان المال يشعل الحروب بين الأجناس ... فإن السيارة تخلق العدواة بين أقرب الناس