إن العقدة تتجلى صورتها لدى يوسف رزوقة في أشكال شتّى حسب التيمات المتنوعة، وكل ذلك من أجل نسج عالم بديل للكائنات، وللأشياء، كما أن الأنا الشعرية تلغي المسافات، وتدعو قارئها إلى منزلها، " منزل الكلمات" حيث أثّث الأبجديّة على هواه أي بهذه "العقد" التي تتخلل النسيج النصّي، والتي تأخذ أشكالاً شتى ، من البرزخ إلى مفترق الطرقات إلى نقاط مضيئة إلى جسر بين شرق، وغرب، أو إلى نقاط تهيئ لملتقى العشّاق حيث يختلط كلّ شيء كما في عشّ، على خلفية ذات صلة وثقى بفكرة الجذور.
فالأنا الشعرية تهفو في تطلعها إلى نبع الحياة، إلى المهد الأوّل، إلى الحرف الدّائريّ، والرّحميّ "0" الأساس المؤسّس، إلى امرأة ورجل، وإلى بيضة التكوين بينهما، فكل رجل هو آدم لدى رزوقة، وكلّ امرأة هي حوّاء، وعليهما إعادة اختراع العالم بولادة عالم جديد بفضل الفعل الشعريّ.
إنها العقدة في بعدها المتعدّد، عقدة شرق، وغرب عبر خلق نظام معجميّ جدي، وعبر مختلف الدوائر التي تشكّل عالم شرق، وغرب المجنون، وخارطة العالم المثلى.
هذا الخلق المتجدّد للروابط الجديدة من أجل عالم آخر ينبغي أن يمرّ كما ترى ديانو عبر مقتضيات كتابة مختلفة، وهذا ما تحقّق لدى يوسف رزوقة من خلال تقنيتي الإحداث، والعدول، ومن خلال تحرره من قيود القديم كما تجلى ذلك في ديوان " حديقة فرنسا" حيث تحرر من ربقة الإيقاع المتوارث، أو في ديوان " ابن العنكبوت" حيث سوّغ أكثر من كلمة منحوتة جديدة.
في شعر يوسف رزوقة، تقول الناقدة ديانو، حلم عبر الكلمات، فهو يلتقي مع طرح جيرار جينات الذي يرى " اللغة في حالة حلم"، ويبدو أن اللغة الفرنسية جامدة جداً، في رأي ديانو فلم يتحقق عبرها ما به يحلم شاعر، ولهذا يعمد رزوقة إلى المبادرة بالمغامرة لتحقيق إمكانات قول أخرى، غير مستعملة.
بعد جولة استقرائية عبر مجموعات رزوقة الخمس، توقفت ديانو في فصل مستقلّ عند مجموعته الشعرية الأخيرة " باكراً على الأرض" وتحت عنوان" قصور من الكلمات"، تقصّت تقنية الشاعر بوصفه لاعباً ماهراً بالكلمات دون أن تغفل تقنيته الأساس أي العقدة في بعديها السيميائيّ، والتّيمي.
وترى في هذا الكتاب نزوع رزوقة إلى الكتابة المبتهجة حيث أن الأنا الشاعرة، وهي تكتب تمارس اليوغا، وترقص على إيقاع الحياة الكثيرة، متأرجحة بين الظل، والغبطة ومن ثمّة ترى ديانو أن أنا رزوقة الشعرية لا يمكن استقراؤها إلا عبر لعب الكاميرات، ومختلف زوايا النظر لالتقاط الصور.
هي لعبة المرايا الدائمة بين شرق، وغرب، بين الرجل، والطفل وبين شاعر اللسانين العربي، والفرنسي، ورجل الإعلام الحالم بالكلمات ذلك أن شعر يوسف رزوقة هو وعد ببهجة ما وراء الدموع، دفق حياة عابر للألم. الشعر هنا نشاط يوميّ مقدّس، رياضة تخوّل للأنا الشاعرة أن تمتلئ بذاتها " سكرى بشيء من الاخضرار" بفضل "اليوغا الشعرية" و" الزّن الرزوقيّ" وغيرهما.
رزوقة شاعر من طراز مختلف، يكتب عن أشياء قد لا يتخيل القارئ أنه بالإمكان كتابة شعر عنها، له عالم مختلف عن عالمنا الكوني الذي نعيش فيه، فللكلمات عنده تعابير أخرى يعكس من خلال مرآته أوصافاً، وتعابير أخرى تنعت رؤية جديدة للواقع بصورة رزوقية في اختلاف تام عن كل ما يجاورنا.
للشاعر يوسف رزوقة مدوّنة شعرية زاخرة في أكثر من لغة إلى جانب نشاطه الثقافي حيث صاغ مع نخبة من الشعراء العرب ( محمّد علي شمس الدين من لبنان، وعز الدين المناصرة من فلسطين، وعيّاش يحياوي من المغرب، وشمس الدين العوني من تونس) صاغ| " دستور الشعراء " : رؤية جديدة لتشخيص الإيقاع العالمي الجديد في ظل الفضاء الاتصالي المعولم.
كما خاض مع شعراء أوروبيين ضمن أشغال ورشوية تجربة تطبيق العروض العربي على القصيدة الفرنسية، وله في هذا السياق مؤلفات، وقد تمّ انتخابه سنة /2005/ سفيراً لدى جمعية أمريكا اللاتينية لشعراء العالم بالتشيلي، ممثّلاً للعالم العربي.
من مؤلفاته:
بالعربية
1978 أمتاز عليك بأحزاني
1984 برنامج الوردة
1986إسطرلاب يوسف المسافر
1998الذئب في العبارة
2001 بلاد ما بين اليدين
2001 أزهار ثاني أوكسيد التاريخ
2002 إعلان حالة الطوارئ (شعر)
2003الأعمال الشعرية | الجزء الأول
2004 يوغانا | كتاب اليوغا الشعرية
2004 الفراشة والديناميت
2005 أرض الصفر
بالفرنسية
2005ابن العنكبوت
2005 (يوطاليا (فوكس بالاشتراك مع الشاعرة الفرنسية هيرا فوكس
2005ألف قصيدة و قصيدة بالاشتراك مع الشاعرة الفرنسية هيرا فوكس
2005حديقة فرنسا
2006باكراً على الأرض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب:
La poésie de Youssef Rzouga ou la recherche du lien authentique
Aude Richeux Diano, Imagine TN, 2006