ماذا عن انعكاس بيئتك في السويد التي تعيش فيها منذ ثلاثة عقود في قصصك؟. -ماذا تحدثنا عن علاقتك بالقصة السويدية والأدب السويدي عامة؟. كيف تقوم القصة السويدية؟. -أليس من حق القارىء السويدي أن تكتب إليه بلغته باعتبارك عشت أكثر من نصف عمرك في هذا المكان؟ .
الـتأثر في الكتابة ببيئة السويد يأتي شئنا أم أبينا. فمجرد العيش في بلد تسوده الديمقراطية و حرية الرأي ينعكس بشكل مباشر على رؤيتنا لكل ما نفتقده في بلدان العالم الثالث من تكافؤ للفرص و إمكانية العيش الكريم في دولة تعتبر من أوائل الدول المهتمة بالعلم و الأدب و الثقافة العامة و السلام. وكما هو معروف بأن الأكاديمية السويدية ترعى تقديم جائزة نوبل أكبر جائزة في العالم. لكنها ليست الجائزة السويدية الوحيدة الأكبر. فهناك أيضاً جائزة باسم كاتبة قصص الأطفال الأسطورة أستريد ليندغرين 1907-2002و التي تأتي تخليدأ لذكراها و تعتبر أكبر جائزة عالمية تمنح لكتاب و رسامي أدب الأطفال و الشباب. هذا بالإضافة إلى العديد من الجوائز الأدبية المرموقة الأخرى. والأدب السويدي زاخر بالأسماء الكبيرة التي على الرغم من مضي أكثر من قرن على وفاة بعض منهم لايزال لهم حضور قوي و على رأسهم أوغست سترندبرغ 1889-1907الذي عرف عالمياً ككاتب مسرحي. لكنه كتب الرواية و مارس الرسم و التصوير, يلمار سودربري ,سلمى لاغرلوف , و الشاعرة و الروائية كارين بويه و الشاعر توماس ترانسترمر الذي توفي منذ أقل من عامين وفي كتابة القصة ستيغ داغرمان , بير لاغركفيست, لارس أهلين و غيرهم.
ثم يأتي كتاب الرواية المعاصرون على سبيل المثال لا الحصر. فالساحة الأدبية السويدية تعج بالأسماء اللامعة: بيراولف انكفيست و يكتب المسرح و الرواية و القصة وحائز على العديد من الجوائز الأدبية الكبرى , بير فيستربيرغ كتب العديد من الروايات و الأبحاث النقدية الأدبية بدأ مسيرته الأدبية وهو في الخامس عشرة من عمره من خلال كتابة مجموعة قصصية بعنوان (صبي فقاعات الصابون )., كريستين ايكمان, ثيودور كاليفاتيديس ذو الأصول اليونانية و القائمة تطول!.
على الرغم من إتقاني للغة السويدية كتابة و قراءة، و ترجمتي للعديد من المقالات السويدية العلمية و الأدبية و السياسية إلى العربية، إلا أنني لم أخض بعد تجربة الكتابة الأدبية و بالتحديد القصة باللغة السويدية لكن فكرة الكتابة موجودة منذ زمن.
بكل تأكيد للقارئ السويدي الحق في قراءة القصة بلغته و هناك اهتمام خاص إذا كان الكاتب ينتمي إلى ثقافتين أو أكثر كما هو حال معظم المهاجرين. هناك لهفة قوية عند القارئ السويدي للاطلاع على كل ما يجري في العالم و تأتي الأحداث التراجيدية التي يتعرض لها مواطنو الشرق الأوسط و على وجه الخصوص ما يجري في سوريا و العراق و قد ظهر هذا التلهف جلياً حين تمت ترجمة كتاب الأديب الكبير نيروز مالك (تحت سماء الحرب) إلى اللغة السويدية و تناولته معظم الصحف الكبرى. بل لا أبالغ إن قلت جميعها و بعض الصحف المحلية باهتمام بالغ و تم نشر نصوص مأخوذة من الكتاب بالإضافة إلى التعريف بالكاتب و مدينته المنكوبة حلب.
كما ذكرت معظم ما كتبت حتى الآن جاء كتوصيف لحالة غياب العدالة الاجتماعية و الركود الفكري الذي فرضه نظام الاستبداد على المواطن و ابتزازه من خلال فرض نفسه كأمر واقع لابديل له!.
ما تقويمك للقصة الكردية باللغتين الكردية الأم والعربية؟. -وما تقويمك للقصة السورية التي ما زلت تكتب في إطار أسئلتها؟. -هل سنقرأ ذات يوم رواية فرمز حسين؟.
الحقيقة أن اطلاعي على القصة المكتوبة بالكردية قليل جدا لدرجة مخجلة. و لقد حاولت أكثر من مرة أن أتوسع فيها و دائماً يحول ضيق الوقت دون تحقيق ذلك , لكن القصة السورية عموماً لا تزال تحتل موقعها بين الصنوف الأدبية و لا يخلو المشهد السوري من كتابه الكرد بالعربية. نيروز مالك يمكن تصنيفه الكاتب الوفي الثاني لفن القصة القصيرة على الرغم من كتابته لعدة روايات لكنه مستمر في كتابة القصة القصيرة حتى هذا اليوم، ومن حلب كما ذكرت آنفاً , هناك أسماء سورية أخرى لامعة لكتاب القصة كردأ و عرباً. و تبقى الرواية هي أهم الأصناف الأدبية التي تحول اليها معظم كتاب القصة و يبقى الوفي الأول لفن القصة هو الكاتب الكبير و رائد القصة السورية و العربية زكريا تامر.
بالنسبة لي فيما يتعلق بكتابة الرواية مستقبلاً فهو أمر وارد جداً لكن ذلك لا يعني بطبيعة الحال هجر القصة!
لقد نشرت قصصك-ورقياً- بين قابي كتاب، بعد أن تم نشرها في أحد المواقع الإلكترونية الأكثر قراءة: ماذا تقول هنا؟. -هل ما زلت تستخدم الورقة والقلم في كتابة نصك القصصي؟
الحقيقة أن الزمن قد اختلف فحتى لو تابعنا الكتابة على الورق فلم يعد هناك موقع إعلامي يستقبل الكتابات الورقية و بالبريد التقليدي. بل يجب كتابة النصوص من جديد على الكمبيوتر سواء كان بغرض حفظها و تجميعها أو بغرض ارسالها عن طريق البريد الإلكتروني للنشر. و هذه العوامل المحيطة تضع حداً للكتابة الورقية و تجعلها بلا شك جزءاً من الماضي شئنا أم أبينا!
لماذا القصة القصيرة جداً التي أفسحت لها هامشاً لابأس به في مجموعتك هذه؟.
القصة القصيرة مثلها مثل أي فن تعرضت للتحديث لتأتي ملائمة مع الواقع الذي تطور مع بداية التسعينيات و الطفرة الالكترونية السريعة جداً التي أدخلتنا في سباق مع الزمن . فجاءت القصة القصيرة جداً و التي تعتبر في حد ذاتها قصة متكاملة في الواقع حتى لو كانت مكونة من جملة واحدة أو بضع جمل. نحن نقرأ يومياً نصوصاً يتم عنونتها على أنها قصص قصيرة جداً و هي على الأغلب تكون مزيجاً من تداخلات شعرية و نثرية و أقرب منها إلى لوحات قصصية عن كونها قصص قصيرة جداً بالمعنى الصحيح و المتكامل. القصة القصيرة جداً هي عملية تكثيف للحدث بحيث يحصل القارئ من خلالها على عصارة مركّزة ثم يتولى بنفسه فكّها
ماذا عن مشروعك القصصي المقبل؟. ماذا تقول لنا أخيراً؟.
لقد صدر مؤخراً عن دار أوراق القاهرية بالإضافة إلى مجموعتي القصصية كتابا آخر لي حول الثورة السورية بعنوان الفصول السورية و يحتوي الكتاب على مئتين و خمسة خمسين صفحة من القطع المتوسط و يحتوي على فصول هامة عن الكرد و الثورة السورية و آخر عن المجتمع الدولي وكذلك المعارضة السورية المبعثرة .كما أنني بصدد كتابة مجموعتي القصصية الثانية و التي أتمنى أن ترى الضوء في غضون أشهر قليلة قادمة!؟.